لا أعرف تحت أي عنوان أسطر هذه السطور

.................

لا أعرف تحت أي عنوان أسطر هذه السطور

ولا بأي حبر أسكب دموعي على الصفحات

ولا بأي مداد أبكي نزيف روحي المثخنة بالجُروح

بل حتى لا أعرف ما حاجتي إلى هذا الكتابة وماذا بعد

كل ما أظنني أحتاجه الآن أن أكتب! فلطالما خففت الكتابة عني الأحزان، ولطالما سكبت العبرات على الحبر الرديء والورق الرديء..

يظل الماضي الذي تشكلت فيه المعالم الأساسية لشخصيتي يطاردني ويفرض نفسه عليَّ كجزء لا يتجزأ منيِّ.. بل ربما صارحنى بأنه لا يمكنني التحرر من أسره، أحس به عملاقًا قذرًا ينفث سيجاره داخلي في سخرية مراقبًا لتحركاتي الواهنة للتخلص منه بين الحين والآخر وفي غفلة منيِّ يجذبني جذبة عنيفة يفقدني كل جميل اكتسبته وكأن لم يكن، ويبقى على نفس وقفته القذرة ودخان سيجارته ينتشر داخلي يكاد يخنق أنفاسي..

إنه أحداث الطفولة والمراهقة!!

الطفولة حيث الضرب المبرح على ما لا يستحق بل ربما أحيانًا يستحق المكافأة لا العقاب.. المراهقة حيث الضياع في متاهة كثيرة الشعاب المختلطة إضافة إلى الضباب الذي يحجب الرؤية عن العيون.. حيث فقدان الثقة بالنفس والبحث اليائس عن الذات.. حيث الغرق في أتون الشهوات الملتهب الذي يذهب ببراءة الطفولة وما بقي من جمالها.

أتراني أقضي حياتي باكيًا على اللبن المسكوب!!..لا أنكر أن ما سُكب من اللبن كثير يستحق البكاء، لكن ما زال في الإناء لبن! ولا يمكن البكاء تحت ظلال السيوف، فالمعركة ما زالت دائرة لسكب ما بقي من اللبن، يسيطر فيها واقع تخدمه المجريات، وماض لم يكفه ما شرب من دماء، لكن ما يبقيني على قيد الحياة؛ أن هناك إرادة تبحث عن طريقها بين المتاهة والضباب، وستخرج يومًا وتعرف الطريق!! وحينها ستقتل العملاق وتزيل قذارته أو تحوله إلى ملاك حارس يحذرها دروب الهلاك، وستغير الواقع وتصوغه من جديد وذلك لأنها الإرادة.

وها هو القرآن نور الله يضيء ظلام المتاهة ويقشع الضباب، ممتلئ بكل خير ينتظر من يأخذه ليدر له لبنًا يملأ الإناء ويعوض ما سكبته أحداث الزمان..يا ليت الأمر كان ككيس البطاطس هذا .. لكن الأمر هو جزء من شخصية الإنسان صنع بهذه الذكريات فحتى لو قرر إلقاء كيس البطاطس عن كاهله سيظل تأثيره واقعا ثقيلا على كاهله أينما حل وفي أي موقف وضع .. لكن مع ذلك على الإنسان أن يحاول التخلص من ذكرياته الأليمة وأن يتابع الحياة حتى يدركه أجله ..

جزاك الله خيرا على هذه الاحاسيس الصادقة والمشاعر الرقيقة