وعلى عكس "ليلى سيد" فرغم زواج "هدى يحيى" – 26 سنة- من ملتزم فإنها تعد هذه الزيجة نهاية "مأساوية" لعلاقتها بالله؛ فتشكي قائلة: منذ تزوجت قلت عبادتي؛ فقد كنت قبل الزواج أحفظ القرآن، وإن لم أفعل كنت أقرأ على الأقل جزءا من القرآن يوميا، كنت أظن أن الزواج بمتدين سيضيف إلى رصيدي الإيماني، كنت أعتقد أن الزواج بداية حقيقية لالتزامي، لكنه بات نهاية مأساوية لرغبتي في إصلاح نفسي، ما زلت أشتاق لصلاة القيام، لكني لا أقوى إلا على الصلوات الخمس بأعجوبة، بناتي لا يوفرن لي وقتا أتنفس فيه.
ولا يختلف الأمر في بيت "هويدا محمد" -33 عاما- التي تقول: لا يوجد في بيتي إلا الروتين العادي: بيت وأولاد وزوج لا تنتهي مطالبهم؛ لذلك لا يوجد لدي وقت للعبادة مطلقا.
أما عن منطق التحول الذي يصيب الزوجة بعد الإنجاب فتقول "هبة عمرو" -23 عاما- من خلال تجربتها: كل مرحلة تختلف فيها إيمانيات الزوجة وطريقة عبادتها لله؛ فقبل الإنجاب لا تكون هناك مشكلة مطلقا، وتستطيع كل واحدة أن تحافظ على عبادتها وإيمانياتها دون أن تتأثر بأعباء البيت، خاصة إذا كانت متفرغة وليس لديها أي مهام أخرى. ولكن المشكلة الحقيقية تظهر بعد الولادة، ونحمد الله نحن النسوة على أن جعل الله لنا الأربعين يوما اللاحقة عقب الولادة بلا أي تكليفات. وبعد أن أنجبت ابني حسن ظللت ثلاثة أشهر أصلي الفروض في أوقاتها بصعوبة بالغة.
ولكن الأمور ضبطت إلى حد كبير مع مجيء شهر رمضان؛ حيث تزداد الشحنة الإيمانية؛ فبدأت أقرأ وردي القرآني؛ وأعود لصلاة السنة، وأنتظم في صلاة الفجر بالذات مع تجديد النية في تربية ابني والقيام بواجباتي الزوجية.
وتضيف "هبة": أنا مستوعبة أني في مرحلة جديدة؛ لم يعد بمقدوري كما كنت أفعل سابقا أن أذهب لدار أيتام وأتحرك كثيرا خارج بيتي؛ فابني في مرحلة حرجة تحتاج مني لتركيز. ولا أستطيع أن أذهب به للمساجد حتى لا يزعج المصلين، وكل ما أقدر على فعله أن أذهب به لبعض الدروس في بيوت الأخوات الأمهات اللاتي لهن الظروف ذاتها.
فلنناقش المشكلة سويا
أخواتي في الله أشعر بأن خطأ ما ورد إلى أذهان بعض ربات البيوت في تسيير أمورهن الحياتية ومفهوم العبادة وطاعة الله.. أود أن أبدي بعض الملاحظات، وأن أطرح عليكن بناء على التجارب الناجحة التي قدمناها حلولا عملية قد تساعد ربة البيت في تحسين علاقتها مع الله:
<table cellSpacing=0 cellPadding=0 width=30 align=left border=0><tr><td></TD></TR></TABLE>- مفهوم العبادة لا يقتصر على الصلاة والصوم والقيام، وإنما يشغل كافة جوانب الحياة؛ فأنت إن راجعت نيتك، فلك الثواب على أعمال البيت التي ترهقك وتأخذ كافة وقتك؛ وبذلك يكون لك في كل دقيقة حسنات يضاعفها الله لمن يشاء، وهذا ما تحدثت عنه "هبة عمرو" بشأن تجديد النية في عملها لخدمة زوجها وطفلها. وبهذا تكونين في طاعة زوجك عابدة، وفي إطعام أولادك رحيمة، وفي مساعدة أهلك أو أهل زوجك بارة، وفي مساعدة زوجك في عمله إحسان وفضل منك. وكل ما سبق سوف تؤجرين عليه بإذن الله.
- الزوجة غير العاملة قد تكون اختارت بنفسها التفرغ للبيت؛ فأرى أن أمامها مساحة من الوقت والجهد لكي تبذل المزيد من العبادات والجوانب الإيمانية.
- هناك بعض العبادات التي تحتاج من الوقت الكثير، وتستطيع ربة البيت أن تؤديها وهي تقوم بأعباء البيت؛ فعلي سبيل المثال أرى "أمي" تقوم بتشغيل كاسيت فيه أحد الدروس الدينية وهي تطبخ. وأعرف بعض ربات البيوت اللاتي يحرصن على متابعة الراديو أو التليفزيون للتعرف على الأمور العامة، ولا ينقطعن عن الحياة، أو يتقوقعن داخل مطبخهن لعدة أسباب، أهمها: أن المسلم لا بد أن يتابع شئون المسلمين، ويتحجر عقل المرأة إن جلست في البيت ولم تطور ذهنها باستمرار من خلال المتابعة والقراءة، وينفر الزوج من الزوجة فارغة العقل التي قد صدئ ذهنها مبكرا، كما أن تربية أبناء هذا العصر تحتاج من الأم وعيا وإدراكا يتماشى مع طبيعة هذه الأيام.
- يلعب تنظيم الوقت دورا فاعلا في حياة الزوجة؛ إن لم تهتم به الزوجة انزلقت بقدميها في دوامة الحياة والواجبات، ولن تفيق لنفسها ولعباداتها وإصلاح قلبها من مشاغل الحياة وهمومها. فلنتفق أن ما لا يدرك كله لا يترك كله، ولتضع كل واحدة أمام عينيها كافة ارتباطاتها ومشاغلها. فلا يمكن أن نجعل أنفسنا تركة في يد الأعباء الملقاة على كاهلنا، وقد رأينا كيف تنظم "جميلة سيد" وقتها، وتحاول أن تجعل البيت والفروض بالنهار، والتفرغ لله والقيام بين يديه بالليل؛ فعلينا أن نختار ما يشغلنا، ونهب أنفسنا في أوقات معينة للانشغال بأمور العبادة والتواصل مع الله.
- حاولي أن تجمعي مشاغلك مع مشاغل أخوات لك ثم تقسم عليكن؛ ليكون العبء أقل وطئا؛ فلمَ لا تقوم واحدة من جاراتك بجمع أطفال صديقاتها في المنطقة وتذهب هي بهم إلى مكان دراستهم ليكون عبء هذا اليوم عليها وحدها، وتتبادل مع زميلاتها الجهد لكي يكون الوقت مناسبا لحضور لقاء ديني، أو الذهاب إلى مقرأة؟.
- لم لا تجتمع بعض الأخوات على لقاء ديني أسبوعي في بيت إحداهن بالتبادل -مثل "ياسمين عبد الله" و"هبة عمرو"- يتبادلن الذكر والنصح، ويصلين الجماعة في وسط انشغال أبنائهن، ويدفعن أبناءهن إلى التعود على الجو الإيماني والصحبة الصالحة؟ فهن بذلك يربين أنفسهن وأبناءهن.
- لماذا لا تتخذ كل زوجة من زوجها عونا على طاعتها لله، وتحاول أن تجعله يعينها على العبادة؟ فيصليان القيام والفرض جماعة مثل "هبة علي"، ويقرآن الورد معا؛ وتتولى كل منهن تنبيه الأخرى في صلاة الفجر؟ ولماذا لا تحملين عن زوجك بعض الأعباء التي تشغله في البيت حتى يرتاح أو يهنأ بالصلاة والعبادة؟ فهذا قد يدفعه حتما إلى مساعدتك في شئون بيتك، وتولي رعاية الأولاد وقت الصلاة أو في الأوقات التي تحتاجين فيها لفسحة من الوقت عن متاعب الحياة