ما أشد على النفس من معرفة أنه قادم، فيكفي ذكر الاسم أو تناقل الأخبار عنه هنا وهناك، ولولا الإيمان بالله ومعرفة أنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا لهلع الناس من سماعهم أنه قادم..
مقدمة لا بد منها قبل الكلام حول هذا الزائر غير المرغوب فيه، ولنحاول معرفة أهم الأمور حوله؛ لعل المعرفة تبصِّرنا، فتقينا من شروره، ولنجعلها من باب الأخذ بالأسباب.
الطاعون من الناحية التاريخية
تسبَّب الطاعون في ذعر ورعب، أكثر من أي مرض معدٍ آخر, وقد تسبَّب في وفاة ما يقرب من 200 مليون شخص، وقد وضع هذا المرض علامة لنهاية العصور المظلمة، وسببًا من أسباب تقدم البحث الطبي، وقد تسبَّب الطاعون في تفشي عدة أوبئة Epidemics كما تسبَّب في ثلاثة أوبئة ضخمة وشهيرة Pandemics شملت مناطق كبيرة وممتدة من العالم.
الأول: انتشر من منطقة الشرق الأوسط إلى حوض البحر المتوسط خلال القرن الخامس والسادس، وتسبَّب في مقتل نصف سكان هذه المناطق.
والثاني: ضرب أوروبا ما بين القرن الثامن والرابع عشر، وتسبَّب في وفاة حوالي 40% من شعوب أوروبا.
والثالث: بدأ من الصين عام 1855م، وانتشر إلى القارات الأخرى.
الطاعون.. الأسباب
نجح ألكسندر يرسن Alexandre Yersin في عزل الميكروب المسبِّب للطاعون، واستحدث علاجًا كمصل مضاد للمرض Antiserum, وهو أول من توقع أن تكون البراغيث Fleas والفئران هي سبب الوباء، وذلك أثناء انتشار وبائي للطاعون عام 1894م، وقد سمَّى الميكروب العصوي الشكل، المسبب للطاعون باسم اليرسينية الطاعونية Yersinia pestis وقد انتشر الوباء في كل القارات عدا قارة أستراليا.