يقال إن طاعون الجنون نزل في نهر يسري في مدينة، فصار كلما شرب منهم أحد يصاب بالجنون.. وكان المجانين يجتمعون ويتحدثون بلغة لا يفهمها العقلاء! واجه الملك الطاعون، وحارب الجنون، حتي إذا ما أتي الصباح استيقظ الملك وإذا الملكة قد جُنت، وصارت الملكة تجتمع مع ثلة من المجانين، تشتكي من جنون الملك!! نادي الملك بالوزير: «يا وزير الملكة قد جنت أين الحرس»؟.. الوزير: «قد جن الحرس يا مولاي»!!
فقال الملك: «إذن اطلب الطبيب فورًا» الوزير: «قد جن الطبيب يا مولاي» فقال الملك: «لم يبق لنا سوي العراف نادي العراف الآن» فقال الوزير: «قد جن العراف أيضًا يا مولاي» تساءل الملك: «ما هذا المصاب.. من بقي في هذه المدينة لم يجن؟» فرد الوزير: «للأسف يا مولاي لم يبق في هذه المدينة لم يجن سوي أنت وأنا» صاح الملك: «يا لطف السماء.. أأحكم مدينة من المجانين!» فعلق الوزير: «عذرًا يا مولاي فإن المجانين يدعون أنهم هم العقلاء، ولا يوجد في هذه المدينة مجنون سوي أنت وأنا»..
قال الملك: «ما هذا الهراء!» هم من شرب النهر، وبالتالي هم من أصابهم الجنون، علق الوزير: «الحقيقة يا مولاي أنهم يقولون إنهم شربوا النهر لكي يتجنبوا الجنون، لذا فإننا مجنونان لأننا لم نشرب. ما نحن يا مولاي إلا حبتا رمل الآن.. هم الأغلبية!. هم من يملكون الحق والعدل والفضيلة، هم الآن من يضعون الحد الفاصل بين العقل والجنون» هنا قال الملك: «يا وزير أغدق علي بكأس من نهر الجنون، إن الجنون أن تظل عاقلاً في دنيا المجانين»!!
هذه القصة أعدت أساسًا من حكيم لملك مجنون حتي يتنازل ويستمع إلي كلام الناس، ويستجيب إلي احتياجاتهم، وينظر في مشاكلهم بعد إقناعه بأن الكل مجانين.. الأمة لا تجتمع علي ضلالة، ولكن تفرقها الضلالة.
فهل حكامنا هم العقلاء ونحن المجانين؟ والله إنه لأمر عظمت الحيرة فيه، أن يكون الحكام في واد والشعوب في واد آخر!! أم أننا الشعوب أصبحنا كل واحد منا في واد؟ فمتي نصاب أيتها الشعوب العربية بجنون الثورة علي أنفسنا، وإصلاح أنفسنا ومجتمعاتنا، حتي يجن حكامنا ويتنازلوا عن حكمة عقولهم!