مع بدء الإجازة الصيفية وعودة المسافرين؛ تبدأ في مثل هذا الوقت من كل عام الكثير من الأفراح، سواءٌ كانت خطوبة أو عقد قران أو بناء، ويتبع ذلك تكاليف لا بد منها، وهي قد تكون خفيفة على القلب؛ يتم أداؤها بفرحة، رغم صعوبتها أحيانًا لكنها تحولت الآن إلى كابوس، وأصبحت ثقيلة بصورة يعجز البعض أحيانًا عن أدائها، وقد تقف عائقًا في سبيل استكمال الزواج، رغم أننا يوم أن خطونا خطوةً للزواج كانت بحثًا عن مودة ورحمة وسكينة، وتناسينا بين الزحام "أقلهن صداقًا أكثرهن بركة" أو "خذوهم فقراء يغنيكم الله".
وهنا نلتقي د. زينب الأشوح أستاذ الاقتصاد بكلية البنات جامعة الأزهر؛ في حديث حول الطريق إلى الزواج بأقل تكلفة:
* سألناها في البداية: هل ترين في الزيجات مظاهر للتكلفة والمغالاة؟ فأجابت بأن مظاهر الإسراف كثيرة جدًّا.
* فسألناها أن تذكر لنا أمثلة؟ فأجابت:
أولاً: المهر والشبكة وتحويلهما إلى شروط، والحرص على أن لا تكون الفتاة أقل من س أو ص.. ويتحول الأمر إلى عائق في سبيل إكمال الزواج.
ثانيًا: الهدايا المرتقبة من العريس حبَّذا لو كانت نافعة للبيت أو للشخص الآخر، فيهاديها باستشوار بدلاً من (قلب ضخم) عديم الفائدة، ويكون جاملها وحقق فائدةً لها وله على الأقل توفير ثمن الكوافير، بالإضافة إلى مساعدتها على التزيُّن له، وهي كذلك حبذا لو أهدت إليه ما ينفعه مثل ماكينة حلاقة كهربائية وما شابهه.
ثالثًا: جهاز العروس يحتوي على العديد من المبالغات والبذخ، والتي ترهق الأهل، وتكون قد سنَّت سنةً سيئةً؛ حيث يحاول من بعدها من الأقارب والأخوات تقليدها؛ مثل الطقم الصيني الكامل والذي ما زال الكثيرون يشترونه، رغم أنه لم يعد يُستخدم، ولم يعد هناك الوقت ولا المجهود ولا المال لـ"عزايم" زمان، وحتى لو هناك "عزايم" يفضل أن تكون وجبات سريعة.. هذه طبيعة العصر؛ لذا أصبح من الإسراف شراء طقم بمبلغ لا يقل عن 1200 جنيه لاستخدامه مرةً أو اثنتين ثم وضعه في النيش.
النيش نفسه يا ترى إيه فائدته؟ أصبح "فاترينة" لعرض الأنتيكات والكاسات والأطقم الكثيرة التي تفيض عن حاجة العروس وعن استخدامها.
الشقق لم تعد بسعة زمان ولم يعد مناسبًا ملء البيت بالأثاث.. ماذا عن الأولاد فيما بعد؟ لا بد من التفكير عند اقتناء الأثاث بعقلانية وشراء العملي دون إكثار.
وهناك مظهر آخر، وهو الإكثار من الملابس، مع أن شكل الجسم يتغيَّر والأذواق تتغيَّر، ومن التجارب نجد الكثير من الملابس يتم الاستغناء عنها كما هي، أو تُترك أطلالاً وكركبة وهذا من الإسراف.
 |
البساطة وعدم المغالاة أحد أسباب الزواج السعيد |
* سألناها عن واقع مشاهداتها لنماذج أناس تبسَّطوا؛ سواءٌ من جيلنا أو جيلكم السابق؟ فأجابت: إنه مع الإعلام الحالي ونشر ثقافة الاستهلاك والانبهار بأبطال الأفلام؛ أصبح صعبًا جدًّا الإجابة عن مثل هذا السؤال.. أصبحت الفتاة ترى أن الزواج رحلة جميلة، والنتيجة أنها تفتري والرجل يشتكي.
ولكن أذكر نماذج لأهالي ساعدوا زوج البنت، ويسَّروا عليه بعد ما رأوا جديَّته واحترامه، والآن هو ميسور الحال بصورة كبيرة وممتنٌّ لهم.
وأذكر سيدةً كانت حالتها المعيشية صعبة من وجهة نظري؛ فسألتها كيف تفعل في الغلاء؟ فأجابت: "إن زوجي ميسور وأنا راضية والحمد لله"، فهي بعين الرضاء تراه ميسورًا رغم ضيق المعيشة، وهنا نذكر مثالاً لزوجة اشترت "ثلاجة" بثمن الشبكة وأخرى اشترت "البوتاجاز" بعد الزواج بنقود النقطة، وأخرى قررت البحث عن أثاث مستعمَل كالجديد لتوفِّر مال زوجها وقد تم.
* بِمَ تنصحين الفتيات والشباب؟
** لا بد أن تتأكد الفتاة أن أي قرش يملكه العريس هو عائد على بيتها، كما أحذرهن من الوقوع في فخ القسط؛ الحياة أصعب بعد الزواج والمسئوليات كثيرة، وهناك أفكار اقتصادية عند اختيار الأثاث؛ يعني مثلاً التوسع في الموبيليا يكون رأسيًّا وليس أفقيًّا؛ بمعنى أن الدولاب للسقف وسرير الأطفال دورين والمكتبة عالية، وليس بالعرض؛ لتوفير مساحة، ولعدم ازدحام المنزل وقطع الأثاث تكون متعددة الاستخدام؛ مثل كنبة إستوديو سرير وبها مكتبة، وما شابه ذلك، أو كنبة نعملها بالطوب مثل "مصطبة زمان"، ونضع عليها شِلَت شيك وبألوان جذابة بعد دهنها، ونعمل لها ضلفتين سحارة وفوقها ارفف في الحائط، وستكون قطعة ديكور تحفة وعملية أيضًا.
مشكلة الأهل والأصدقاء
* بالتأكيد عند تطبيق سياسة التبسُّط تقابلنا صعوبات مثل الأهل مثلاً، أو الرغبة في أحسن حاجة، أو أننا نيأس ومن الصعب أن نشتري بعد الزواج؟
** فيما يخص الأهل فالمقبل على الزواج بالغ عاقل راشد، والشباب عليهم إقناع آبائهم بالحسنى وعدم طاعتهم في معصية قال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِيْنَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِيْنِ﴾ (الإسراء: من الآية 27) وتحمُّل مسئوليات وقرارات الأسرة لأنهم من يسعدون أو يشقون بها بعد ذلك.. وأيضًا تجميع تجارب من تباسطوا ويسَّروا، وكذلك من بالغوا وعسروا، ومقارنتهم من حيث السعادة والحب واستمرار الأسرة.
أما فيما يختص بالرغبة في الأفضل والأضخم فلا ننسى قول "خذوهم فقراء يغنيكم الله" ولا بد أن تتذكَّر الفتاة أن أي قرش يبقى مع زوجها يعود بالنفع عليها وعلى أولادها في المستقبل، وخاصةً أن تكاليف الحياة أكبر وأصعب فيما بعد.
موضوع: الزواج باقل تكلفة 
الثلاثاء يوليو 08, 2008 10:01 am
