الغيرة بين الأبناء من المشكلات الطبيعية، وقد يكون لها أثر إيجابي في دفع الابن إلى الأمام؛ ليكون أفضل وأحسن مما هو عليه، لكنها في بعض الأحيان قد تخرج عن حد الاعتدال، وتأخذ مظاهر حادة؛ كالغضب بمظاهره المختلفة من ضرب وسبٍّ، أو تخريب وثورة ونقد، أو ميل للصمت والانسحاب والانطواء، أو فقد للشهيَّة، كما ينعكس التأثير النفسي لها على الصحة الجسمانية لصاحبها؛ إذ قد ينقص وزنه، أو يشعر بالتعب، أو يُصاب بالصداع.
التفرقة أهم الأسباب:
المتتبع لقصة "يوسف"- عليه السلام- مع إخوته: ﴿ إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ* اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ....﴾ (يوسف 9،8...) يتضح له أن الغيرة الناتجة عن زيادة حُب "يعقوب" لابنه "يوسف"- عليهما السلام- كانت دافعًا قويًّا لأشقائه في التفكير في قتله، والتخلص منه.
ومن هنا كان من أهم أسباب الغيرة: التفريق في المعاملة بين الإخوة؛ لذلك نهى الرسول- صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، كما روي عن أنس- رضي الله عنه- أن رجلاً كان عند النبي- صلى الله عليه وسلم- فجاء ابنٌ له فقبَّله، وأجلسه على فخذه، وجاءته بنت له، فأجلسها بين يديه، فقال: "ألا سوَّيت بينهما؟" (رواه البزار والهيثمي).
ومن أسباب الغيرة كذلك: المقارنة بين طفل وآخر، فقد تؤدي هذه المقارنة إلى خلق عقدة النقص، وإضعاف الثقة في نفس الطفل لدرجة قد تصيبه بمشاعر الإحباط، وهناك سبب ثالث للغيرة: هو الشعور بالنقص، خاصةً إذا ما كانت جوانب النقص هذه ترجع إلى عيوب جسمية أو عقلية.
العلاج بالعدل والمساواة:
إذا كانت مشاعر القلق والخوف وضعف الثقة بالنفس والتفريق في المعاملة من أهم العوامل التي تُولد الإحساس بالغيرة لدى الطفل فإن إزالة أسباب هذه المشاعر تعتبر من أولى الخطوات لعلاج الغيرة، ويصبح من الضروري إعادة أو زيادة الثقة في نفسه، وإسناد بعض المهام التي في استطاعته القيام بها، والثناء عليه عند النجاح فيها.
وعلى الأم والأب أن يكونا حكيمين في تربية الولد، وذلك باتباع أنجح الوسائل في إزالة ظاهرة الغيرة من نفسه، فإذا كان مجيء مولود جديد في الأسرة يُشعره بفقدان محبة أبويه وعطفهما، فعلى الأبوين أن يبذلا جهدهما في إشعاره أن هذه المحبة باقية ولن تزول؛ لأن تفضيل أحد إخوته عليه في معاملة أو عطاء يغيظه، ويُولد في نفسه الغيرة.