ثارت موجة استنكار واسعة بين الناس والكتَّاب ووسائل الإعلام ضد خطاب بوش المنحاز "لإسرائيل"، ليس غريبًا ولكن الغريب هو تصفيق زعماء العرب له أثناء مهاجمته محور المقاومة والشرعية العربية من أمثال حزب الله وحماس، داعيًا إلى مزيدٍ من الاقتتال والفتنة ومحاربة الإسلام.
وهنا إذا كان التصفيق لمجرد التصفيق؛ لأنه أنهى جملةً أثناء الخطاب، فتلك مصيبة، وإذا كان ترحيبًا بخطابه فالمصيبة أعظم.
أطلت علينا الإدارةُ الأمريكيةُ بدورِ الوسيطِ بين الشعب المنكوب والدولة الصهيونية، فزرعت لنا الصحراء وبلطت لنا البحر!!.
ووضعت في أجندتنا أكذوبة اسمها "أوسلو"، ومن كثرة الحديث فيها صدقناها واعتبرنا أنفسنا أصحاب سيادة، وبقينا نجامل الأمريكان سنوات طويلة وهم يبتسمون لنا ويدفعون للعدو الأموال والدعم لسحقنا، بقينا نضحك على أنفسنا، حتى جاء "الوعد الصادق" للعدو أمام زعماء العرب صريحًا واضحًا لا لبسَ فيه، أطلَّ بوش على شرم الشيخ بعد السهراتِ الحمراء في دولة الكيان، خطب بالزعماء طالبًا منهم مزيدًا من الحصار والتضييق على المقاومة، وأكد لهم دعمه المطلق لحليفته "إسرائيل" والحفاظ على أمنها.
تردد عن احتمال اتخاذ مواقف دراماتيكية فلسطينية ردًّا على تعثر المفاوضات، ولكن بوش سبق الجميع بمواقفه الأكثر دراماتيكيةً والتي تجلَّت في خطاباته في الكنيست وشرم الشيخ.
إذًا بوش وضع النقاطَ على الحروف، ليس أمام الشعوب فهي مدركة حجم المؤامرة الأمريكية على حقوق الشعب الفلسطيني ولكنه الآن وضعها أمام زعماء هم أصلاً عمَّال ووكلاء له، أنا أستغرب.. لماذا يُطلَب من بوش احترام العُمَّال عنده؟!!!.
صعد بوش إلى الطائرة وغادر شرم الشيخ تاركًا خلفه ملفًا اسمه القضية الفلسطينية سيتم تسويته عسكريًّا مرةً أخرى بعد ستين عامًا بدأها البريطانيون ويكملها الأمريكان، بابتسامة بوش الذي لم يرتق تعامله مع زعماء العرب إلى مستوى تعامله في مزارعه.. غثاء!!!!.
غزة تنتظر الجحيم.. والضفة سيزيد تمزيقها بمشاريع، الاستيطان التي باركها بوش، والقدس ترقب العرب.. ليصفقوا لبطلٍ يمسح دمعةَ صخرتها في يومٍ قريب.
غادر بوش وقطع الحبل بمَن تشبثوا به أكثر من دينهم، غادر بوش وقطع الحبل بمَن وافقوا على زيادة الإنتاج من النفط.
غادر بوش وقطع الحبل بوكلاء محاربة الديمقراطية والنزاهة، غادر بوش وقطع الحبل بمَن رضوا المساعدة من أمريكان ورفضوها من الله.
غادر بوش وقطع الحبل بمَن أكنوا له حبًّا فخانهم لأنه لا معشوقةَ إلا "إسرائيل".
ولكن تحررت فلسطين من صفحة طالما حاولت الشعوب طيها وإحراقها.
ولكن نوجه الشكر لبوش "الوسيط وراعي السلام" لما قام به من زيارةٍ لقبر الرئيس عرفات، واحترامه لمشاعر الملايين من اللاجئين بعدم إشعاله شعلة احتفالات "إسرائيل" على أنقاض بيوتهم، شكرًا لك بوش لعدم الموافقة على بناء شبكاتِ استيطان أضخم من السابق، شكرًا لك لأنك ضغطت على إسرائيل وأزلت 500 حاجز بين مدن الضفة، شكرًا لك لأنك سمعت أهات أطفال غزة، وتوقفت عن احتلال العراق وأفغانستان، شكرًا لكم يا زعماء العرب لأنكم احترمتم واستقبلتم!!!.